القطط فى الموروث الشعبى المصري
احتلت القطط مكانة تراثية كبيرة فى الموروث الشعبى المصرى وتاريخ علاقة
المصريين بالقطط قديم يمتد الى عصر الفراعنة الذين جعلوا القط كائنا مقدسا
وتناولوه في بردياتهم وكتبهم القديمة·
القط من اكتر الككائنات الحية تواجدا فى حياة المصريين اليومية نجده في كل مكان،
على سلالم البيوت، وعلى أرصفة الشوارع، وفي الحدائق العامة، والأماكن الأثرية
السياحية وبجوار سلال القمامة في الشوارع، وأسفل السيارات وأعلاها، وفي المقاهي
وبجوار المطاعم بالاضافة الى القطط التي تحظى برعاية محبيها في البيوت
حب المصريين للقطط يعود الى عصر الفراعنة حيث كانت للقط مكانة عالية وان
الإله الأكبر لدى الفراعنة رع كان يصفه بالكائن السامي، وكان كتاب الموتى الذي
يعود الى الألفية الثانية قبل الميلاد يوازي بين مكانة القط ومكانة الشمس التي
كانت تحظى بتقديس كبير في عصر الفراعنة·
بالاضافة الأسطورة التي كانت تصور إله الشمس رع في عصر الفراعنة في صورة قط
عملاق وهناك بعض الامتدادات لهذه الأسطورة في التراث الاسلامي في تصوير الحية
مصدرا للشر والقطط مصدرا للخير·
وفي مصر القديمة، لم يعبد الناس فقط الالهة شيكميت التي عُرفت برأس يشبه رأس
الأسد، لكنهم عبدوا كذلك الالهة باستيت التي كان لها رأس يشبه رأس القط وكان لها
معبد على ضفاف النيل· وكان كهنة الالهة باستيت يهبون حياتهم لخدمة القطط وليس
معروفا على وجه الدقة متى بدأ المصريون يروضون القطط ويعاملونها كحيوان أليف·
وترجح أن المنطقة الأولى التي سبقت لذلك هي النوبة التي مازال أهلها يعتقدون أن
القطط تجلب الحظ السعيد· ولعلهم كذلك اكتشفوا فوائدها وأهمها محاربة أو تخويف
الفئران التي كانت تهدد محاصيل الفلاحين المصريين القدماء·
وفقا لعقيدة الخلود لدى الفراعنة كان صاحب القط أو المسؤول عن رعايته يضع في
مقبرته الاشياء التي سيحتاج اليها عندما يعود للحياة، ولهذا اكتشف الاثريون
الكثير من آنية الحليب التي وضعها الفراعنة في مقابر القطط· كما كانت هناك الكثير
من الشواهد على المكانة الرفعية التي احتلها القط في ذلك الوقت سواء من الرسوم
المصورة على جدران المعابد، أو في مئات التماثيل التي جسدت شكل القطط بكل الاحجام
والأشكال، سواء كانت تجسد قططا تقليدية عادية أو قططا لها هيئة سامية تشبه الملوك
حيث يوضع في اذنيها حُليات من الذهب، وبعض التماثيل كانت تجسد أحيانا القطة الأم
وحولها صغارها·
من الماثورات الشعبية المتداولة عن القطط وخاصة في الصعيد
إن التوأم المولود ثانياً تتلبس روحه في جسد قطة عندما ينام وأي أذى يصيب القطة
يصيب الطفل حال استيقاظه
تعتبر القطة السوداء نذير للشؤم ومسكن للشياطين، والقطط البيضاء ملائكة،
والملونة حيوانات أليفة تعامل بلطف
يؤكد الكاتب فؤاد مرسى في كتابه القط في المعتقد الشعبي وأصوله الحضارية،أن
المدونات العربية القديمة زخرت بالعديد من الاعتقادات عن القطط، تعنى غالبيتها
بالسحر ومنح الشفاء من الأمراض.
وزعم بعضها أن أكل الهر الأسود يقي من السحر، وأن أكل طحال القط الأسود يشد على
المستحاضة فيقطع حيضها، وأن مخه يفيد لوجع الكلى، وأن من استصحب نابه لم يفزع
بالليل، وغيرها الكثير من المعتقدات الراسخة في الموروث الشعبي حتى يومنا هذا.
ومن المعتقدات المتعلقة بالقطط أيضاً والسائدة في مصر، يذكر أن العديد من الناس
يعتقد بأن روح الشخص المتوفى يمكن أن تسكن في القطط، ما يوجب على أهل المتوفي
حسن معاملتها وتقديم الطعام والشراب لها عند زيارتهم.
وينتشر في صعيد مصر كذلك اعتقاد يقول إن التوأم المولود ثانياً تتلبس روحه في
جسد قطة عندما ينام، وتجوب في المكان وأن أي أذى يصيب القطة يصيب الطفل حال
استيقاظه.
ووفقاً للكاتب، فإن الاعتقاد السائد لدى البعض بأن للقطط قدرات خارقة وأنها
تفيد في أعمال السحر وغيرها، ينتشر في المجتمعات القروية والأحياء الفقيرة. أما
في المجتمعات المتطورة فهذه الاعتقادات غير سائدة، ويعود ذلك إلى طبيعة
المجتمعات التي تنشط بها هذه الأنواع من المعتقدات، فكلما ازداد نصيب الفرد من
التعليم والثقافة، تردد في التسليم بهذه المعتقدات ووصفها بالخرافة والتخلف.
ويذكرنا الكتاب بالعديد من الأمثال الشعبية المنتشرة في الموروث الشعبي، والتي
يضربها الناس في تعاملاتهم اليومية: "متل القطط تأكل وتنكر"، و"اللي بيلعب مع
القط يتحمل خراميشه"، و"القطة بسبع أرواح"، و"القطة ما بتحب غير خناقها"،
و"إن غاب القط إلعب يا فأر"...
عدا أن القطط حيوانات أليفة ترعى حق مربيها وتقبل التأديب، إذا قدِّم لها الطعام
أكلته وفي حال سرقته فإنها تهرب خوفاً من التأنيب، وأن اختلاف صورتها في أذهان
البشر، إنما يعود لقربها منهم، وإلفتها لهم، فهي حيوانات وفية لا يمكن أن تخون من
يحسن معاملتها أو تتنكر له
اكتسبت القطط مكانة تراثية حين استخدمت في عشرات الأمثال، التي كانت فيها القطة
البطل،
وفي الأمثال التي دارت حول صفات القطط ، نلحظ تناقضًا واضحًا بين المدح والقدح في
شخصية القط، لتعتبره بعض الأمثال مثالا للطيبة والوداعة، بينما تعتبره أمثال أخرى
نموذجًا للغدر ونكران الجميل.
“إن غاب القط، إلعب يا فار”،
“زي القطط تاكل وتنكر”